يتوقع صندوق النقد الدولي تقلص الاقتصاد العالمي بنسبة 3% في عام 2020 بشكل أسوأ بكثير مما كان عليه خلال الأزمة المالية العالمية ونموه بنسبة 5.8% في عام 2021، وذلك بافتراض تلاشى الجائحة في النصف الثاني من عام 2020، ورفع الإجراءات المفروضة لغرض الاحتواء.
من المُتوقع أن تصل نسبة التقلص في تجارة أفريقيا جنوب الصحراء إلى 1.6% في عام 2020، ونموها بنسبة 4.1% في عام 2021. ووفقاً لمنظمة التجارة العالمية، فيمكن أن تنخفض تجارة البضائع بنسبة 13% و 32% في عام 2020، وذلك حسب طول فترة جائحة كوفيد – 19 ومدى شدتها. إضافة إلى ذلك، فمن المُتوقع أن يتقلص حجم التجارة العالمية (السلع والخدمات) بنسبة 11% في عام 2020 ويعود إلى 8.4% في عام 2021.
وبصرف النظر عن الأزمة الاقتصادية التي أحدثتها جائحة فيروس كوفيد – 19، إلا إنها توفر الفرصة أمام الدول الأعضاء بالكوميسا من أجل توطيد وتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي بغرض تلبية التطلعات الرامية إلى التحول الهيكلي والنمو المستدام والشامل.
ووفقاً للتقرير الذي أعده خبيري البحوث بالكوميسا، بنديكت موسينجيل Benedict Musengele، وجين كيبيرو Jane Kibiru، فقد بدت التجارة كعلاج يمكن من خلاله الحد من محنة الجائحة، وذلك من خلال تدفق السلع الأساسية مثل المواد الغذائية، والإمدادات الطبية، وغيرها من منتجات النظافة الصحية.
كذك أشار التقرير إلى أن حرية تنقل السلع الأساسية في الإقليم هو أمر من شأنه تعزيز الإنتاج والتجارة البينية للكوميسا خلال فترة الجائحة، ويُشير التقرير إلى تنفيذ تيسير التجارة الرقمية وغيرها من الأدوات باعتبارها عوامل أساسية في التخفيف من تأثيرات الصدمات مثل جائحة فيروس كوفيد – 19.
ويفيد التقرير بأن المنتجات الصيدلانية هي من ضمن المنتجات الأولى في قائمة منتجات التجارة البينية بالكوميسا، والتي يمكن لها أن تنمو بشكل كبير كون الأسواق المستوردة، وهي الاتحاد الأوروبي والهند والولايات المتحدة الأمريكية والصين والمملكة المتحدة، هي من بين الأسواق الأكثر تضرراً من فيروس كوفيد – 19. وتساهم الدول الخمس بنسب 45%، و 19%، و6%، و4%، و3% من سوق المصدر للمنتجات الصيدلانية في الكوميسا.
ووفقاً لتقرير مركز التجارة الدولي لعام 2020، فقد فرضت بعض من هذه الدول مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة والصين والهند قيوداً على الصادرات في بعض المنتجات الصيدلانية مما قد يؤثر على استيرادها، إلا إنها في غاية الأهمية في مجال مكافحة فيروس كوفيد – 19.
وتعد الكوميسا مستورداً للمنتجات الصيدلانية بشكل أساسي حيث بلغت الصادرات 442.53 مليون دولار أمريكي في 2018، بنما بلغت قيمة الواردات 6,451.03 مليون دولار أمريكي. وشكلت صادرات المنتجات الصيدلانية البينية بالكوميسا نسبة 32% من الصادرات.
وأشار باحثيّ الكوميسا في التقرير إلى ما يلي: “يوضح هذا الأمر أن المستحضرات الصيدلانية هي إحدى الصادرات الرئيسية في التجارة البينية للكوميسا ومن ثم فهناك حاجة إلى تيسير التجارة فيها عبر الحدود خلال فترة الجائحة”.
ومن أجل الاستفادة من هذه الإمكانيات، يتعين على الدول الأعضاء اتخاذ عدد من التدابير التي تشمل اتباع نهج إقليمي متواءم في التخفيف من تأثير فيروس كوفيد – 19 والسماح بحرية حركة السلع الأساسية وغير الأساسية داخل إقليم الكوميسا وخارجه. كما يحتاج الإقليم إلى تعزيز القدرة الإنتاجية وسلاسل القيمة الإقليمية بغرض الحد من الاعتماد المُفرط على التجارة الخارجية والتعرض للصدمات / الأزمات العالمية.
إضافة إلى ما سبق، يتعين على الإقليم تنويع الأسواق لواردات وصادرات الكوميسا للحد من الاعتماد على عدد قليل من البلدان، وكذلك تحديد شركات التصنيع التي تمتلك القدرة على إنتاج المنتجات الأساسية للتصدي لفيروس كوفيد – 19 وتقديم الحوافز إليها وتيسير تجارتها في الإقليم. وتشمل الإجراءات الأخرى التي من شأنها تحفيز التجارة البينية بالكوميسا التعجيل بإنشاء منصة على الإنترنت لتقاسم المعلومات بشأن مدى توفر المنتجات الأساسية خلال فترة الجائحة.
وبالنظر إلى حالات الاضطراب في سلاسل التوريد الإقليمية التي تسببت فيها تدابير التخفيف من تأثيرات الجائحة، لم يعد تنفيذ منطقة التجارة الحرة الرقمية للكوميسا التي تشمل التجارة الإلكترونية أمراً إختيارياً، بل هو ضرورة من أجل الانتعاش الاقتصادي والنمو. ولحسن الحظ، قام الوزراء المسؤولون عن التجارة الإقليمية في الكوميسا مؤخراً باعتماد مجموعة من المبادئ التوجيهية المشتركة بشأن تيسير التجارة والتي تم نشرها في الجريدة الرسمية وتُلزم الدول بتنفيذها. ولا توفر تلك المبادئ نقطة الانطلاق لإعادة إطلاق التجارة داخل الكوميسا فحسب، بل أنها تعمل على بناء القدرة على تحمل الصدمات المستقبلية أمام الاقتصادات الإقليمية.