عند بداية تفشى جائحة كوفيد-19، كانت التوقعات تشير إلى أن معظم الأنظمة الصحية في أفريقيا سوف تعانى من الإنهاك بسبب الانتشار غير المسبوق للفيروس. إلا أن الأدلة المتناقلة المبنية على التدخلات الخاصة بكل بلد تشير إلى أن بلدان الاقليم أظهرت تكيفا كبيرا على عكس التوقعات المبكرة.
طبقا لتحليل أجرته وحدة الحكم والسلم والأمن في الأمانة العامة للكوميسا فإن التدابير الطارئة التى اتخذتها الدول في الاقليم، بما في ذلك الحجر الصحى الاجباري وحظر التجوال وإغلاق أمكان الترفيه وإغلاق المدارس والحث على النظافة الأساسية، من بين تدخلات أخرى، لعبت دورا كبيرا في احتواء الانتشار.
ويرد ضمن التقرير بأنه” بالنسبة لاقليم الكوميسا الذى يتسم بالأنظمة الصحية الضعيفة التى تفتقر إلى العدد الكافى من العاملين الصحيين والمعدات وتدنى الميزانيات والعبء الكبير للأمراض المعدية (مثل الملاريا والسل الرئوى وفيروس نقص المناعة البشرية والإيبولا)، فإنه قد كان من المتوقع أن يؤدى تواصل انتشار الفيروس إلى إنهاك الأنظمة الصحية في الاقليم.
وطبقا للتحليل فإن الاصلاحات في القطاع الصحى، حيث بذلت الحكومات التعهدات السياسية بتنفيذ الرعاية الصحية التى تشمل الجميع أدت أيضا دورا جيدا في إحباط الانتشار الذي كان متوقعا في البداية. وتنبنى الرعاية الصحية للجميع على فكرة أنه يتعين تلقى جميع المواطنين الخدمات الصحية التى يحتاجونها دون أعباء مالية.
وتشير البيانات الاقليمية لجهاز الإنذار المبكر في الكوميسا إلى أن معظم الحكومات في الاقليم قامت بإدراج الإصلاحات الصحية التى أدت إلى تحسين الخدمات الصحية. وعلى سبيل المثال فقد اطلقت كل من تونس وسيشل ورواندا وموريشيوس ومصر بالفعل برنامج الرعاية الصحية الشاملة بما لذلك من آثار موجبة على خفض معدلات الوفيات وتحسين متوسط العمر المتوقع والإنفاق على الصحة العامة.
ويشير التقرير إلى أن معظم الدول في الاقليم سعت إلى تخصيص 15% من الإنفاق العام لصالح القطاع الصحى وفي ظل تواصل انتشار فيروس الكورونا فقد قاد ذلك إلى تدفق المزيد من الاستثمارات المالية في القطاع.
ويذكر تقرير وحدة الحكم والسلام والأمن بأن “البلدان في الاقليم قامت بزيادة الإنفاق على الصحة بهدف التعامل مع الطوارئ الناتجة عن انتشار جائحة كوفيد-19. “وقامت الحكومات بتوفير المخصصات خارج الميزانية وذلك على سبيل المثال بهدف تعزيز المراقبة وشراء الإمدادات الطبية وتشييد مراكز العزل الصحى وتعيين المزيد من العاملين الصحيين إلى جانب أمور أخرى.”
ومع ذلك فقد سجلت البلدان في الاقليم خطوات واسعة في تحسين الرعاية الصحية منذ اعتماد الأهداف الانمائية للألفية في 2000، واطلاق أهداف التنمية المُستدامة في 2015، كجزء من أجندة 2030 للتنمية المُستدامة.
قادت الاصلاحات في القطاع الصحى إلى تحسين متوسط العمر المتوقع من 61.60 سنة في 2010، إلى 66.07 سنة في 2018. وفي سياق نموذج تقييم الضعف الهيكلى لجهاز الإنذار المبكر في الكوميسا فإن العمر المتوقع هو عدد السنين التى يمكن أن يعيشها المولود في حالة تواصل أنماط الوفيات السائدة في لحظة ميلاده على ما هي عليه طوال فترة حياته.
وبحلول 2017، خفضت كل من ليبيا وتونس وسيشل معدل وفيات الأطفال بنسبة 1.4%، وهو المعدل الأدنى في الاقليم. ومن بين البلدان التى أحرزت تقدما كبيرا مصر بنسبة 2.3% ومدغشقر بنسبة 4.2% وكينيا بنسبة 4.5% وأوغندا بنسبة 5.2% وجزر القمر بنسبة 6.9%.
استند تحليل وحدة الحكم والسلم والأمن إلى اطار منظمة الصحة العالمية لتوفير الخدمات الصحية الذى يغطى توفير الخدمات والقوى العاملة في المجال الصحى وفرص الاستفادة من المعدات والأدوية الأساسية والموارد المالية الكافية. ويتسق الاطار مع نموذج تقييم الضعف الهيكلى لنظام الإنذار المبكر في الكوميسا الذى يسعى إلى دعم الهشاشة طويلة المدى في الدول الأعضاء بهدف استدامة السلم والرخاء من خلال تحديد أوجه الضعف المتوقعة في البلدان.